كانت كرة القدم دائماً ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من حياة سابرينا سواريز، حيث كانت البداية معاينة أشقائها الثلاثة الذين يكبرونها سناً عندما كانوا يداعبون المستديرة الساحرة فيما بينهم، قبل أن تنضم لمشاركتهم في متعة اللعب "اثنين ضد اثنين" في فناء منزل الأسرة، لتصبح فيما بعد لاعبة واعدة عن سن الثانية عشرة. لكنها واجهت عقبات كثيرة في طريقها، وهي التي كانت ترغب في احتراف كرة القدم، فشاءت الأقدار أن تتحول تلك العقبات إلى فرص سانحة للبقاء ضمن منظومة الرياضة التي تعشقها حتى النخاع. تعود أولى تلك العراقيل إلى عام 2001 عندما كانت سواريز في الرابعة عشرة من العمر، حيث كانت ضمن منتخب فنزويلا للناشئات لكنها تعرضت لإصابة في الركبة حرمتها من إظهار موهبتها ومهاراتها لفترة طويلة.

وتشغل سواريز حالياً منصب نائبة الأمين العام لاتحاد كرة القدم الفنزويلي كما أنها تتولى مهمة تمثيل برنامج الرياضة الإلكترونية التابع لاتحاد بلدها أمام الهيئات المختصة في هذا المجال لدى FIFA، وهي تستحضر بأدق التفاصيل تلك المرحلة من حياتها، حيث قالت لموقع FIFA.com ضاحكة: "لم أترك كرة القدم أبداً، فقد انتقلت للتو إلى المنصات الرقمية للتنافس في لعبة FIFA! حينها نشأ اهتمامي بقانون الرياضة الإلكترونية". كما تتذكر سواريز العقبة الثانية التي واجهتها عام 2013، أي بعد ثلاث سنوات من تخرجها كمحامية، حيث قالت مازحة: "عدت للعب في دوري جهوي، لكني أُصبت بتمزق في الأربطة الصليبية. حينها أدركت أن دوري في كرة القدم لن يكون على أرض الملعب". وبينما كانت بصدد برنامج الاستشفاء، تولت تدريب فريق إنديبندينتي لاس مرسيدس في مسقط رأسها باركيسيميتو، لكن تكونت لها قناعة داخلية بأن "مهنة التدريب ليست لي". وفي عام 2016 بدأت العمل في القسم القانوني لنادي ديبورتيفو لارا، لتبدأ بعد ذلك مسيرة في مجال آخر قريب من كرة القدم لكنه بعيد عن المستطيل الأخضر: "في عام 2018، نلت الإجازة في المحاسبة العامة، وكانت أطروحتي عن تدريس الرياضيين الشباب وتدبير الشأن الإداري في الرياضة، وقد نتج عن ذلك برنامج إداري يُعنى بالتدريب". في نفس العام تركت سواريز نادي ديبورتيفو لارا لتتولى الإدارة العامة لدوري جهوي، حيث تستحضر بالقول: "أشرفت على إدارته على المستوى التنظيمي والتواصلي والتسويقي، حيث تمكنا من تطوير كرة القدم بالمنطقة الغربية الوسطى في فنزويلا ونجحنا في توسيع دائرة انتشارها وممارستها. استمريت في ذلك المنصب حتى يونيو/حزيران 2021، عندما استدعتني الإدارة الجديدة للاتحاد".

سواريز هي أول سيدة تشغل منصب نائبة الأمين العام للاتحاد الفنزويلي لكرة القدم، لكن منذ استلامها هذه المهمة لم تتوقف عن التعلم واكتساب المهارات، ويتجلى ذلك من خلال مشاركتها في برنامج FIFA للقيادة النسائية لعام 2022، حيث علَّقت بالقول: "بالنسبة لي، كان ذلك نقطة مفصلية، لأن نظرتي للأمور اليوم أصبحت أكبر وأشمل، كما تغيرت إلى الأفضل رؤيتي لما يعنيه شغل منصب كهذا في المجال الرياضي.

ليس فقط بسبب تعدد الحالات التي عشتها أثناء مساركتي في البرنامج، بل أيضاً لأن ذلك أتاح لي تقييم نفسي بشكل أفضل فيما يتعلق بلعب دور القيادة. وانطلاقاً من ذلك أحاول مشاركة هذه المعارف والمعلومات مع الناس في الندوات والبرامج التي يروج لها الاتحاد، حتى تتمكن النساء الأخريات من الوقوف أيضاً على قدرتهم في تولي أدوار إدارية وقيادية". تشدد سواريز على أهمية نمو كرة القدم النسائية في البلاد، موضحة أن "عدد الفتيات والشابات اللاتي يتطلعن لأن يصبحن لاعبات كرة قدم، كما كان الحال بالنسبة لي، واليوم أصبحت الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى. فعلى سبيل المثال، منذ تفشي الوباء، قمنا بتنظيم بطولات تُبرز النشاط الكروي بطريقة مختلفة، كما تم بث دورينا على FIFA+، منصة FIFA الخاصة بالبث الرقمي، أضف إلى ذلك أن عدد الأندية التي تؤهل اللاعبات آخذ في التزايد".

وعلى مستوى المنتخبات، هناك إشارات إيجابية أيضاً، حيث "تمنح مدربتنا باميلا كونتي المزيد من الفرص للاعبات الدوري المحلي، مستفيدة من فترات FIFA المخصصة لكرة القدم الدولية للمشاركة في منافسات واكتساب المزيد من الخبرة. كما أن التنقيب على المواهب على المستوى الوطني يعطينا فكرة حول الإمكانات البشرية التي تزخر بها كل منطقة". كما تسلط سواريز الضوء على أهمية تعيين حكمات فنزويليات لإدارة مباريات كأس العالم للسيدات FIFA أستراليا ونيوزيلندا 2023™: "فعلى الرغم من عدم تأهل منتخبنا، ستكون البلاد ممثلة بسيدتين في البطولة الأهم على مستوى كرة القدم النسائية، وهذا أيضاً دليل على تطور اللعبة، وأن العديد من الجوانب تتم على الوجه الأمثل". وختمت بالقول: "أريد أن تتبلور كل هذه الخطوات في إضفاء الطابع الاحترافي على كرة القدم داخل الملعب وأيضاً على صعيد الإدارة. أتمنى أن تشعر النساء بأنهن قادرات على تولي مناصب المسؤولية إذا كانت لهن مهارات في هذا المجال. الطريق ليس سهلاً على الإطلاق، لكن التعلُّم واكتساب الخبرات هو مفتاح العمل في الإدارة الرياضية. فمن خلال الدراسة والتدريب والتحلي بالثقة وقوة الشخصية يمكنك الوصول إلى المبتغى".