وقد جرت العادة، قبل كل فعالية رياضية عالمية كبرى، أن تُسمع عبارات متعلقة بالاستدامة والإرث. ولكن عندما تدق ساعة الحقيقة، نرى أنّ البعض يفون بوعودهم أكثر من غيرهم.

أما بالنسبة إلى البطولة الحالية التي تُلعب على جانبي بحر تاسمان، والتي رأينا منها حتى الآن × مباراة من أصل 64، فتركز الاستدامة على أربعة أركان أساسية وهي وضع تسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، والبيئة، وحقوق الإنسان والحماية. شارك فريق العمل الخاص ببطولة كأس العالم للسيدات FIFA أستراليا ونيوزيلندا 2023™ في مجموعة من الفعاليات لغرس الأشجار في كلّ المدن المستضيفة للبطولة، وتعاونوا مع لجان اجتماعية، ومجالس محلية، ومؤسسات خيرية للمساهمة في مستقبل أخضر لأستراليا ونيوزيلندا أوتياروا.

وفي أستراليا، احتفل الموظفون باليوم الوطني لغرس الأشجار في 30 يوليو/تموز، حيث شرع الفريق في عملية غرس الأشجار، فزرعوا أشجاراً أصلية في الغابات والمساحات الخضراء، كما ساهموا في بناء الحدائق المجتمعية من خلال غرس أشجار مثمرة وزرع الخضار، نظراً لطبيعتها المستدامة كمصدر للغذاء.

كما انطلق مشروع غرس الأشجار في جنوب أوكلاند، عندما اجتمع المئات من محبي رياضة كرة القدم للاحتفاء ببطولة كأس العالم للسيدات FIFA، عبر غرس أشجار أصلية، كخطوة تمهيدية تجاه استعادة النظام البيئي للمنطقة والحفاظ عليه.

وقد عبّرت مسؤولة الاستدامة في بطولة كأس العالم للسيدات FIFA أستراليا ونيوزيلندا 2023™ الدكتورة شيلا نغوين عن فخرها واعتزازها بالالتزام الذي تولّده هذه البطولة.

وقالت: "بعيداً عن أرض الملعب، نفضّل ترك المجتمعات المستضيفة للبطولة بحال أفضل مما كانت عليه عندما رأيناها للمرة الأولى. ومشاركتنا في هذه الفعاليات، تسمح لنا بتحقيق هدفنا في الحفاظ على البيئة وتنمية روح التعاون بين المجتمعات التي تساعدنا على تنظيم الرياضة النسائية الأكبر في العالم".

ستشهد منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في العقد الجاري، مجموعة من البطولات الرياضية الكبرى، تتوجها الألعاب الأوليمبية في بريسبان عام 2032، التي تشمل مسابقاتها كلّا من كرة القدم النسائية والرجالية.

وأضافت شيلا نغوين: "ندرك جيداً أن بطولتنا تُعد من بين أولى الفعاليات الدولية الكثيرة التي ستستضيفها المنطقة، ونريد فعلاً أن نحرص على زرع بذور الأفكار وتنميتها والاعتناء بها لتنمو وتُترجَم إلى أفعال".

وتابعت: "نحن نقيّم كلّ فكرة، وإذا رأينا أنها جديدة وأفضل من سابقاتها، فإننا نحاول تنفيذها وحتى لو كانت صغيرة، فهي ستفتح الباب وتشقّ الطريق أمام الكثير من الأفكار الأخرى، ويمكننا عندئذِ مشاركة ما تعلمناه مع منظمي الفعاليات القادمة". وفي حال أراد الزوار التعبير أكثر عن التزامهم، يمكنهم زيارة مجموعة من المنشآت الخضراء التي أعيدت إلى حالتها البرية، في الملاعب الموزعة على الدولتين المستضيفتين للبطولة. وتقدم هذه المساحات الخضراء الرحبة والتعليمية المستوحاة من رياضة كرة القدم، الفرصة للمشجعين لقضاء وقتهم مع الطبيعة وتعلّم أهمية التنوع والصحة البيئية.

وقد أشرف خبراء متخصصون في ثقافة الشعوب الأصلية وشعب الماوري على عملية بناء المنشآت لكي تسلط الضوء على المفاهيم التالية: الاعتراف، والغزل، والأمّ، والعطاء.    

الاعتراف، وهو الإقرار بالمنشأة الخضراء والتقرب منها. الغزل، هو مجمّع المنشأة الذي يمثّل التضاريس والعناصر المكانية حيث يصل المشجعون، فيجلسون، وينتظرون، ويتعلمون، ويتشاركون معرفتهم مع المجتمع. الأمّ ، هي حضن الطبيعة حيث يتّحد المشجعون مع الطبيعة، فيصبح بإمكانهم اختبار النباتات الأصلية بكلّ حواسهم والإصغاء إلى صوت الطبيعة يعلو فوق مكبرات الصوت. وأخيراً العطاء، وهو يتجلى في دعوة المشجعين إلى اللعب في صفوف فريق الطبيعة ودعم استعادة البيئة المحلية والحفاظ عليها.

وقد استوحت المنشآت التفاعلية في ملعب ملبورن المستطيل/نارم وملعب ويلينغتون الإقليمي/ تي وانجانوي- آ-تارامساحتها من ملاعب كرة القدم، فهي مبنية من المواد المعاد تصنيعها وتدويرها، مثل شباك المرمي من الأندية المحلية، كما تأوي نباتات أصلية.

أمّا الملاعب الثمانية المتبقية الموزعة على الدولتين المستضيفتين للبطولة، فتحتوي على منشآت خضراء أصغر حجماً، تضمّ نباتات أصلية، تحمل رمزاً للاستجابة السريعة يقدّم معلومات عن تيار Nature Positive.

وتعبيراً عن التزامه بهذه القضية البيئية، قدّم المجلس البلدي في مدينة هاميلتون، برفقة مجموعة Parks Landscapes المحلية، تكريماً رائعاً للبطولة. فقد جرى تسليم ثلاث اقتراحات لتصميم دوّار نورتون، يضمّ كلّ واحد المساحات الضرورية بين النباتات المزروعة والألوان المناسبة لتحويل هذه النباتات إلى لوحة فنية. وقدّ زُرعت 22.740 نبتة (379 وعاءً زراعياً) من النباتات الطباقية مثل زهرة الخطم، والألوسن، وزهرة اللوبيليا وحتى السبانخ. ورغم رطوبة الجوّ وعدم ملاءمة فصل الشتاء للأزهار الملونة، لا يسع الناظر سوى الوقوف ذهولاً وإعجاباً أمام المناظر الفريدة، عند زيارة تلك المدن.