خلال حضوره أعمال مؤتمر "الرياضة العالمية الجديدة" المنعقد في المملكة العربية السعودية، أكد جياني إنفانتينو على القوة التي تتمتع بها كرة القدم والرياضات الإلكترونية، مُعرباً عن أمله بأن "يتمكّن أكبر عدد ممكن من الأطفال الذين يلعبون كرة القدم الإلكترونية أن يتجهوا إلى أرضية اللعب ويمارسوا كرة القدم مع بعضهم البعض.

ويأتي هذا المؤتمر في فترة تشهد ازدهاراً ملحوظاً في مجال الألعاب الإلكترونية، إذ استضافت المملكة العربية السعودية في يوليو/تموز نهائيات FIFAe التي شهدت رفع قيمة جوائزها من 1.2 إلى 3 ملايين دولار، وهو ما يعكس النمو المضطرد لشعبية الألعاب الإلكترونية حول العالم.

وفي إطار ما تم إعلانه العام الماضي من خطط لاستثمار 37.8 مليار دولار بغية تحويل المملكة إلى مركز عالميّ للألعاب الإلكترونية، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يوم الاثنين أن الرياض ستُنظِّم سنوياً كأس عالم للألعاب الإلكترونية مع جعل القيمة الإجمالية للجوائز الأعلى في تاريخ الألعاب الإلكترونية.

وخلال مشاركته في ندوة استضافتها العاصمة السعودية على هامش المؤتمر وشارك فيها كل من سمو الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل آل سعود، وزير الرياضة السعودي، والنجم كريستيانو رونالدو، أعرب رئيس FIFA عن قناعته بأن المباريات، سواء تمت على أرض الملعب أو عبر الشاشة، من شأنها أن تعود بالفائدة على كرة القدم بشكليها الفعلي والرقمي.

وقال في هذا الصدد: "أنظر إلى الأمر باعتباره مصدراً للإلهام، أليس كذلك؟ تُلهِمك [اللعبة الإلكترونية] للخروج ومحاولة القيام بالمثل [على أرض الملعب]. بطبيعة الحال، ليس بإمكانك القيام بنفس الأمر تماماً، ولكنك ستمضي قُدماً لأن كل ما تعلّمته في الرياضة عموماً، وفي كرة القدم على وجه الخصوص، هو القدرة على الصمود، إذ أنك تخسر وتحاول الفوز بالمباراة التالية، وهذا ما تكتسبه من أولئك اللاعبين الكبار الذين يمثلون نموذجاً يُحتذى به. فهُم جزءٌ من لعبة المحاكاة هذه، وقدوة للأطفال الذين يحاولون محاكاة ما يقومون به عندما يلعبون عبر الشاشة أو في أرضية الملعب".

وأردف الرئيس إنفانتينو قائلاً: "لهذا، أعتقد أن مهمتنا، ومهمة FIFA، تتمثل بالجمع بين الاثنين، والحرص على جعل أكبر عدد ممكن من الأطفال الذين يلعبون كرة القدم الإلكترونية أن يخرجوا للعب في الهواء الطلق مع بعضهم البعض، ولهذا السبب نضخّ استثمارات كبيرة في كرة القدم وفي كرة القدم الإلكترونية على حدّ سواء".

كما أشار إنفانتينو إلى أنه وبمعزل عن البطولة والجوائز المخصصة للفائزين، تمثل أجواء الحماس ومشاعر الوحدة السائدة في كافة المنافسات الكروية العوامل الأكثر أهمية على الإطلاق في اللعبة الجميلة.

"وأوضح في هذا الصدد: "بوسعي الحديث عن كرة القدم أكثر من أي رياضة أخرى لأن آفاق كرة القدم تذهب إلى ما هو أبعد بكثير من أي رياضة أخرى، فهي عبارة عن ظاهرة اجتماعية. فلنستعرض إحصائيتين في هذا السياق: حضر منافسات النسخة السابقة من كأس العالم للسيدات مليوني شخص في الملعب وتابعها ما يناهز ملياري شخص عبر التلفزيون.

أما النسخة الماضية من كأس العالم للرجال، فقد تابعها ثلاثة ملايين متفرّج من المدرجات، وخمسة مليارات شخص من منازلهم، وذلك من كل أنحاء العالم. كرة القدم موجودة في كل مكان، نتطلّع لجعل كرة القدم عالمية بحق، ولهذا نرحّب بكل من يتطلع مثلنا لجعل كرة القدم عالمية، لأنها تجمع الكل، وتوحّد بلدان العالم. فهي توحّد سكان كل دولة، وتجمع الشعوب سوية في سبيل اكتشاف أماكن جديدة ودول مختلفة. وأنا على قناعة بأن مثل هذه الفرص بالغة الأهمية في عالمنا الحالي".

وأشار رئيس FIFA إلى أنه لمس ذلك الأمر بنفسه مؤخراً، وهو الذي وقف شاهداً على مدى الشغف الذي ساد عند إطلاق الدوري الأفريقي لكرة القدم خلال تواجده بالمدرجات لمتابعة المباراة الافتتاحية التي جرت يوم الجمعة الماضي. وأوضح الرئيس إنفانتينو بالقول: "كنتُ في تنزانيا قبل يومين، وحضرتُ مباراة ربع النهائي التي جمعت بين نادي سيمبا من دار السلام ونظيره [الأهلي] المصري في إطار منافسات الدوري الأفريقي لكرة القدم. تواجد 60 ألف شخص غصّت بهم مدرجات الملعب وسط أجواء رائعة".

وأضاف: "تواجد 200 ألف شخص غيرهم في منطقة المشجعين خارج ملعب دار السلام، وعاشوا أجواء الإثارة سوية. يتوجّب علينا الاستفادة من ذلك، وتسخير كافة الأدوات المتاحة لتحويله إلى حقيقة".

إلى ذلك، تطرّق إنفانتينو إلى تعزيز مدى استخدام التكنولوجيا في كرة القدم. وكان قد أشار خلال مؤتمر FIFA بالعاصمة الرواندية كيغالي في مارس/آذار الماضي، إلى خطته لتوسيع استخدام تكنولوجيا التحكيم بمساعدة الفيديو لتشمل أكثر من 100 دولة، وذلك من خلال إطلاق أنظمة مبسَّطة وأقل تكلفة بحيث تستفيد دوريات أكثر من هذا الابتكار.

وقال الرئيس إنفانتينو في هذا الصدد: "تُتّخذ قرارات لا يتّفق معها الجميع، ولكن الأخطاء الجسيمة اختفت. وذلك بفضل التكنولوجيا، وبفضل التطور، والذكاء الاصطناعي.

لقد تطورت [التكنولوجيا] أكثر فأكثر، وأصبحت أكثر دقة من ذي قبل. وطالما أن التكنولوجيا تعود بالفائدة على كرة القدم، فإن الأبواب يجب أن تبقى مشرّعة برأيي، وذلك من أجل أخذها بعين الاعتبار واختبارها لمعرفة الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تُحدثه".