الخميس 16 يونيو 2016, 16:46

طباعة ثلاثية الأبعاد للملاعب لإيجاد حلول مجدية التكلفة لقطر 2022

كيف يمكن طباعة ملعب بثلاثة أبعاد؟ وما هي البيانات المفيدة التي يمكن جمعها من وضعه قيد الإختبار في نفق رياح مصمم خصيصاً في قطر؟

يعمل الباحثون بكلية الهندسة في جامعة قطر على مدى الأشهر الستة الماضية لتقديم إجابات شافية لكل هذه الأسئلة من خلال تحويل المعطيات النظرية الخاصة بتقنية التبريد والديناميكية الهوائية، والتي تم جمعها على نموذج بقياس 1 إلى 3000، إلى حلول هندسية تساعد على تقليل التكاليف وتحسين الأثر البيئي للملاعب المرشحة لاستضافة كأس العالم قطر 2022 FIFA.

وفي هذا السياق، قال الدكتور سعود عبد العزيز عبد الغني، الأستاذ المحاضر بكلية الهندسة في جامعة قطر "تطلّب منا الأمور أسبوعاً كاملاً كي نقوم بطباعة الملعب. إنه نموذج مصغّر بنفس التصميم للملاعب المرشحة لاستضافة كأس العالم 2022. وقد طبعنا أجزاء الملعب بشكل منفصل، ثم قمنا بتركيبها سوية ووضعها في نفق الرياح لاختبارها في مجال الديناميكية الهوائية. وقد تطلّب تصميم وبناء نفق الرياح سبعة أشهر، وهو الأول من نوعه في المنطقة."

حالما يتم وضع النموذج المصغّر للملعب داخل نفق الرياح، يتم تحليل البيانات بشكل معمّق أثناء تسجيل أشعة الليزر لتدفّق الهواء على التصميم. يُجري هذه القياسات فريق من جامعة قطر يستخدم برنامج تحليلياً مفصلاً.

وشرح عبد الغني ذلك قائلاً "بوسعنا أن نراقب درجة الحرارة في كل مستوى من المدرجات، وإضافة عوامل مثل التعرّق الناتج عن ذلك وعدد الجمهور، ومن ثم القيام بمحاكاة لمعرفة أثر ذلك على درجة الحرارة داخل الملعب. ومن أجل عملية التبريد، نريد أن تدخل أقل كمية ممكنة من الهواء إلى الملعب، وأن يبقى ذلك الهواء داخله. بوسعنا أيضاً تغيير ومحاكاة اتجاهات مختلفة للرياح في المنشأة."

وأردف قائلاً "تصميم نفق الرياح وكل ما ترونه هنا تمّ في قطر، باستثناء المروحة التي تم إنتاجها في ألمانيا. كما قمنا بإجراء اختبارات على ملعبين ومنطقة للمشجعين: ملعب البيت وملعب الوكرة ومنطقة المشجعين الخاصة ببطولة كأس العالم البرازيل 2014 التي استضافتها أكاديمية أسباير في الدوحة. سيتم كذلك إجراء اختبارات على ملعب الثمامة، ونقوم حالياً بطباعة الملعب."

كما أن فريق جامعة قطر يعمل عن كثب مع مكتب المشاريع الفنية التابع للجنة العليا للمشاريع والإرث. وتتمثل مهمة المكتب بتحويل النتائج التي يتم التوصل إليها في نفق الرياح إلى توصيات مفيدة في مجال الهندسة القيمية للملاعب قيد الإنشاء.

وفي هذا الخصوص، قال المهندس ياسر الجمال، نائب رئيس مكتب المشاريع الفنية في اللجنة العليا "نعمل بشكل وثيق مع جامعة قطر على هذا المشروع المثير الذي يسلّط الضوء على النهج المبتكر التي نتّبعه من أجل إتمام العمل على ملاعب بطولة كأس العالم 2022 بالوقت المطلوب وبتكلفة مجدية."

وأردف قائلاً "قمنا بالكثير من العمل مع فريق جامعة قطر وأدخلنا نتيجة لذلك تغييرات في مجال الديناميكية الهوائية على الملاعب. ونتج عن ذلك توفير الكثير من الأموال من خلال الهندسة القيمية. كما إنهم يقومون بدراسة هيكلية سقف الملعب لتقليل كمية الفولاذ وهو ما يقلل التكاليف في مجالي الطاقة ورأس المال، وكذلك من التأثير على البيئة. وفي الحقيقة، نعمل  قدر الإمكان على تخفيف الأثر على البيئة وكذلك تكلفة التشغيل."

وفي مختبره في جامعة قطر، يعمل الدكتور عبد الغني وفريقه على إيجاد حلول مبتكرة لما يواجهون من تحديات على مستوى التصميم. وهو ما يقول عنه "لدينا أشعة ليزر تحدد لنا سرعة واتجاه الرياح، بحيث نرى على النموذج المُصغّر ما الذي يحصل عند فتح أو إغلاق سقف الملعب. وكل الأفكار التي نختبرها نرسلها لاحقاً إلى اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أما تلك القابلة للتطبيق فيتم إدماجها في التصميم."

وأضاف "أعتقد أن هذا يمثّل مستقبل صناعة تصميم الملاعب. كانت تجري الاختبارات على نماذج مصنوعة من الصلصال، لكن هذه التقنية أصبحت تحتلّ الصدارة في عالم تصميم الملاعب، كما يتم استخدامها في المباني العالية في قطر بدلاً من إجراء اختبارات الديناميكية الهوائية في كندا أو ألمانيا كما كان يجري عليه الأمر سابقاً. بوسع المرء طباعة أي شيء، من السياسات وصولاً إلى الجماجم من أجل الجراحة الرأبية، باستخدام مواد مختلفة، ولا سيما المعادن والتيتانيوم والألمنيوم."

استرعت هذه الخبرة الفريدة التي تتمتع بها قطر في هذا المجال اهتمام دول أخرى، بحيث أنه تم في الدوحة مؤخراً إجراء اختبارات الديناميكية الهوائية على تصميم أحد أكبر ملاعب بلجيكا المستقبلية.

وختم الدكتور عبد الغني حديثه قائلاً "إننا فخورون للغاية لتمكننا من نقل المعارف القطرية إلى أوروبا أيضاً. وفي حالتهم، طُلب منا اختبار التصميم على أمطار تهطل أثناء هبوب الرياح. ففي قطر، نحتاج للإبقاء على البرودة داخل الملاعب، ولكن في بلجيكا يتمثّل التحدي بالإبقاء على الأمطار خارج الملاعب. توجب علينا التعامل مع أنواع مختلفة من المطر ودراسة كيفية تجنّب تبلل الجماهير في كافة الأوقات، بما في ذلك الأخذ بعين الإعتبار عامل الرياح. إني سعيد ببدء العمل مع اللجنة العليا لأنهم يشتغلون بالفعل على ترك إرث في مشاريعهم، ونفق الرياح هذا يساعد بالفعل على ترك إرث في مجال تصميم الملاعب مستقبلاً في كافة أنحاء العالم."