تتمتع ولاية جنوب أستراليا بسمعة راقية عالمية كوجهة عالمية للسياحة والاسترخاء، إذ تزخر طبيعتها بحياة برية رائعة ومعالم طبيعية خلابة، كما تضم العديد من المدن الجميلة التي تستحق الزيارة كبريسبان، وسيدني، وأديليد، وبيرث، وملبورن، لذا لم يكن من محض الصدفة اختيار تلك المدن لاستضافة مباريات كأس العالم للسيدات FIFA أستراليا ونيوزيلندا 2023™.

وصل برنامج كرة القدم للمدارس إلى أستراليا بعد أن أثرى قلوب الأطفال في أكثر من 60 اتحاداً وطنياً عضواً لحد الآن، وعلى غرار الدول السابقة، يهدف هذا البرنامج إلى جعل كرة القدم في متناول الفتية والفتيات في كل مكان، ويصبو في الوقت نفسه إلى تعزيز النظام التعليمي من خلال قيم الرياضة، ولهذا السبب تم اختيار مدينة داروين كنقطة لانطلاق برنامج كرة القدم للمدارس بأستراليا، فكل شيء كان مدروساً بالتفصيل. تُعتبر مدينة داروين عاصمة الإقليم الشمالي لأستراليا، فهي منطقة واسعة تبلغ مساحتها أكثر من مليون و300 ألف كم مربع، في حين يبلغ عدد سكانها 250 ألف نسمة فقط، ويملك السكان الأصليون 48 % من أراضي المنطقة. ولكن، ورغم جمال الطبيعة الذي يبدو كجنّة على المعمورة، لا يزال الإقليم يعاني من التهميش والفقر والأمراض والعنف، وهي مشاكل يسعى برنامج كرة القدم للمدارس لمكافحتها.

وفي هذا الصدد قالت المديرة العامة لبرنامج كرة القدم للمدارس بـ FIFA، السيدة فاطماتا سيديبي: "كان إطلاق برنامج كرة القدم للمدارس في أستراليا حدثاً خاصاً جداً، إنه برنامج يعني الكثير لـ FIFA ولي أيضا باعتباري أفريقية الأصل، إذ تتشابه الأقاليم الشمالية لأستراليا في العديد من التقاليد مع أفريقيا وبلدي الأم مالي،

وقبل أن نأتي إلى أستراليا، كنا قد سمعنا عن ثقافاتها الغنية، وتماسيح مياهها المالحة الكبيرة، والصحاري اللامتناهية، إضافة لمنظر الغروب الذي يعم أفقها كل مساء، لكننا رأينا خلال الأيام القليلة الماضية ما لم يخطر على بالنا من قبل من جمال، لذا، فإنني مسرورة جداً بإطلاق البرنامج في هذا الإقليم التاريخي من أستراليا".

بعد حصص نظرية وعملية للمعلمين والمدربين انضمّ إليها الأطفال بشكل استثنائي، تم الإطلاق الرسمي للبرنامج يوم 18 يوليو/تموز في أجواء ودّية واحتفالية.

مهارات الحياة وفلسفة كرة القدم

تحت إشراف أولياء الأطفال وتوجيهات مدربيهم، شارك حوالي مئة يافع في سلسلة من التدريبات والمباريات الممتعة بهدف تعريفهم بفلسفة كرة القدم وغرس القيم والمهارات الاجتماعية في أنفسهم. كما أُقيمت على هامش الاحتفالات ببرنامج كرة القدم للمدارس بمدينة داروين مباراتين من كأس أستراليا بين فريقي نيوكاسل جتس وملبورن فيكتوري، وفريقي برث غلوري وماكارثر، مما قدم فرصة رائعة للاستمتاع بكرة القدم قبل انطلاق كأس العالم للسيدات FIFA 2023.

وعلّقت فاطماتا سيديبي عن مجريات هذا الحدث: "لقد كانت فرحة الأطفال، وفخر والديهم وآمالهم المعقودة على أبنائهم، إضافة لرضى المعلمين والمدربين، واهتمام سلطات الإقليم الشمالي، والشعور بما حققه فريق كرة القدم للمدارس بعد انضمام اتحاد وطني جديد إليه، أشياءً لا تقدر بثمن، وقد تم اتخاذ العديد من الخطوات خلال هذه الأيام الثلاثة من أجل تطوير وإدماج القيم التربوية في كرة القدم".

من جهتها، قالت ألكسندرا هويتي، إحدى المسؤولات على برنامج كرة القدم للمدارس بـ FIFA: "لا يزال الطريق طويلا أمامنا، ولا تزال هناك العديد من التحديات، من بينها البعد الجغرافي، والمخاطر الأمنية، ونقص المدربين والمعلمين من السكان الأصليين، لذا فإنه من الصعب جداً تقديم برامج دراسية للمدارس في الإقليم الشمالي". وأضافت: "ومع ذلك، وبفضل التعاون الكبير بين اتحاد أستراليا لكرة القدم والإقليم الشمالي لكرة القدم، يمكن لبرنامج كرة القدم للمدارس أن يصبح نقطة تحول للأطفال والمعلمين في هذا الجزء النائي من أستراليا، كما أنه برنامج يُعلّم مهارات حياتية قيمة، فهو يوفّر للمدارس والمجتمعات والأندية المحلية والحكومات أدوات مناسبة لتقديم دروس كرة القدم والمهارات الحياتية في آن واحد".

من المقرر أن يتوسّع البرنامج إلى جميع أنحاء أستراليا في الأشهر المقبلة بعد أن كانت بدايته في الإقليم الشمالي، وحول هذا الموضوع، قال أنطونيو بونينو، أحد مسؤولي برنامج كرة القدم للمدارس: "إن إطلاق كرة القدم للمدارس في الإقليم الشمالي يُعتبر حدثاً خاصاً، لأنه سيساعد بالتأكيد على جعل كرة القدم في متناول المجتمعات النائية بالإقليم، ويُشجّع على التعليم ويدعم تنمية الشباب". وأضاف جيمس جونسون، الرئيس التنفيذي لاتحاد استراليا لكرة القدم: "نحن متشوقون جداً لرؤية الأثر الذي يمكن أن يُحدثه البرنامج على الشباب في الإقليم الشمالي، فأغلب المدارس هناك في مناطق نائية جداً، لذا سنحرص على بقائنا في اتصال مع طلابهم لنوفّر لهم فرصة المشاركة في كرة القدم، والاستفادة ممّا يمكن لرياضتنا أن تحققه، كالصحة والسلامة، والصداقات التي تُنشئها، والمجتمعات التي تجمعها مع بعضها بعضاً".

واختتم سلسلة التعليقات السيد نيكو نوفاناساك، أحد مسؤولي برنامج كرة القدم للمدارس قائلاً: "إن التعاون الوثيق بين حكومة الإقليم الشمالي والمدارس والقطاع الخاص والاتحاد الأسترالي لكرة القدم، وكرة القدم في الإقليم الشمالي، إضافة لـ FIFA يُعَد دليلاً قوياً على الرابطة القوية، والعمل الجماعي الحقيقي، والالتزام بإدخال البهجة على جميع الأطفال، ونشر روح كرة القدم في المجتمعات المحرومة".