الاثنين 18 نوفمبر 2019, 15:37

الفلبين، حُلم منتخبٍ متعددِ الثقافات

  • ألعاب الفيديو والشبكات الاجتماعية وراء تطور المنتخب

  • 12 جنسية حاضرة في القائمة الأخيرة

  • مباراة تاريخية ضد سوريا في الطريق إلى قطر ٢٠٢٢

لا يوجد منتخب مثل الفلبين في العالم أجمع. هذا ما يستخلصه المرء عندما يذهب إلى أصل المسألة. اتصل شخص مجهول يعشق ألعاب الفيديو وكرة القدم باتحاد الفلبين لكرة القدم عام 2005. الشقيقان فيل وجيمس يونجوسباند، إنجليزيان تلقيا تكوينهما في نادي تشيلسي، من أم فلبينية ويمكنهما اللعب مع المنتخب.

في منطقة تستحوذ فيها كرة السلة والملاكمة على حصة الأسد، كان من الضروري إيجاد صيغة لتعزيز مكانة كرة القدم. وهنا يلعب التاريخ دوراً حاسماً. إذ تميز الفلبينيون بالبحث عن الفرص بعيداً عن حدودهم طوال القرن الماضي. ونتيجة لذلك، يلعب آلاف المواطنين الفلبينيين وذويهم في بلدان لديها ثقافة وإمكانات كروية أكبر.

معجزة هانوي

رأت فكرة البحث عن لاعبين ببقاع أخرى النور، ولكن دون تحقيق النتائج المرجوة. رفض اتحاد الفلبين لكرة القدم المشاركة في التصفيات المؤهلة لنسختي كأس العالم ألمانيا 2006 وجنوب أفريقيا 2010. ولم يكن المستوى الضعيف للمنتخب في مستوى الجهود المبذولة اقتصادياً ولوجستياً. إذ كانت مسألة تحويل كرة القدم الفلبينية بحاجة إلى تحسين القدرة التنافسية قبل الانتقال إلى المسابقات الكبيرة.

وكانت أفضل مسابقة لمعاينة مدى التقدم المحرز مؤخراً هي بطولة اتحاد آسيان لكرة القدم، وهي البطولة التي يتواجه فيها كل عامين أفضل بلدان جنوب شرق آسيا. في عام 2010، كانت فيتنام، حاملة اللقب حالياً، أحد البلدين المضيفين وأوقعتها القرعة بجانب الفلبين في مرحلة المجموعات. وكان منتخب فيتنام يشكل عقدة حقيقية لهم: خمس هزائم وتعادل في ست مباريات.

بيد أن الأداء القوي الذي ظهرت به كتيبة "الكلاب الضالة" صنع ما يسمى "معجزة هانوي". إذ لم يسكت هدفا كريس جريتويتش وفيل يونجوسباند 40 ألف مشجع محلي فحسب، بل قاد اللاعبان من أصل إنجليزي منتخب بلادهما إلى تحقيق أول انتصار كبير للجيل الهجين الجديد.

frrwu9urtyojdmrgd5fz.jpg

من ألعاب الفيديو إلى الشبكات الاجتماعية

بعد ذلك الفوز، عبّر العديد من أبناء الفلبينيين عن رغبتهم في اللعب مع منتخب بلادهم. في بعض الأحيان، كان اتحاد كرة القدم هو من يخطو الخطوة الأولى. أكد المهاجم آنخيل جيرادو، المولود في أسبانيا واللاعب الدولي منذ عام 2011، لموقع FIFA.com قائلاً: "والدتي فلبينية، لهذا اتصلوا بي للانضمام إلى المنتخب."

وفي أحيان أخرى، كان تداول الموضوع والشبكات الاجتماعية يلعبان دور الرابط. وفي هذا الصدد، تذكر كارلي دي مورجا، أسباني آخر من أم فلبينية يلعب في المنتخب منذ عام 2011 قائلاً: "كان لدي صديق لعب مع آنخيل جيرادو في أسبانيا وتعرفت على قصته،" مضيفاً "وهكذا تواصلت مع آنخيل عبر فيسبوك ليضعني بعدها في اتصال مع الاتحاد. أرسلت إليهم مقطع فيديو، واستدعوني تلقائياً."

في الوقت الراهن، تتعايش 12 جنسية في غرفة تبديل الملابس. ألمانيا وإنجلترا وأسبانيا هم الغالبية العظمى. ولكن هناك أيضاً لاعبين من الدنمارك والنرويج وهولندا واسكتلندا وأستراليا وإيطاليا وسويسرا واليابان والولايات المتحدة.

كيف يكون التعايش داخل مجموعة متعددة الثقافات؟ أجاب دي مورجا قائلاً: "الأجواء رائعة،" مضيفاً "على المستوى الشخصي، تقاسم غرفة تبديل الملابس مع العديد من الثقافات والعادات المختلفة ساعدني على النمو كثيراً. إذ يساهم ذلك في انفتاح المرء بشكل أكبر." وأضاف جيرادو مشيراً للاتحاد قائلاً: "أحب أن يكون الجميع على قدم المساواة، وأن أشعر بالراحة مع البقية".

nrir6xpadmpmm5mek5hv.jpg

سوريا، مفتاح حلم كأس العالم

يبدو أن البيئة المتنوعة والعائلية التي تطبع المنتخب الفلبيني بدأت تؤتي ثمارها. إذ خاض في شهر يناير/كانون الثاني الماضي للمرة الأولى بطولة كأس آسيا، ويصل الآن في وضع متميز إلى منتصف الدور الثاني من التصفيات المؤهلة لكأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢.

يحتل منتخب الفلبين المركز الثالث في المجموعة الأولى متساوياً مع الصين من حيث عدد النقاط. وبالتالي فإن نقطة واحدة ضد سوريا في المباراة القادمة ستضع الفلبينيين في المراكز المؤهلة إلى الدور الثالث، على الأقل حتى مارس/آذار المقبل.

ما شعورك؟ "سيكون الأمر رائعاً!" أجاب جيرادو من معسكر منتخب بلاده في دبي، قبل أن يضيف "في كرة القدم لا يوجد شيء مستحيل. نتيجة مباراة الذهاب كانت قاسية بالنظر إلى ما حدث داخل الملعب (سوريا هزمت الفلبين 5-2 في سبتمبر/أيلول الماضي).

"الآن أو أبداً. لدينا فرصة تاريخية،" أضاف دي مورجا، الذي تقاسم بعض المفاتيح لتحقيق هدفهم: "تمتلك سوريا الكثير من المواهب في الهجوم، وفي بعض الأحيان يهملون المهام الدفاعية. يجب أن نلعب معاً، ونحبطهم ونهدد مرماهم كلما سنحت الفرصة."

ومن غريب الصدف أنه اليوم أعلن فيل يونجوسباند، الشقيق الأصغر، اعتزاله كرة القدم. ويودع الملاعب بصفته اللاعب الأكثر خوضاً للمباريات (108) والأكثر تسجيلاً للأهداف (52) مع منتخب الفلبين. لعلها الإشارة التي تسبق إنجازاً جديداً للمنتخب متعدد الثقافات.