كرة القدم هي شغف فريد من نوعه في الأرجنتين، يتجسد في كل ركن من أركان البلاد، دون تمييز بين الجنسين. وتعتبر الكأس الفيدرالية للسيدات مثالاً آخر على ذلك. وحظيت النسخ الثلاث الأولى من المسابقة، التي أطلقها الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم عام 2021، بدعم مالي ولوجستي من برنامج FIFA Forward، وحققت نجاحاً وأرست أسساً متينة للمستقبل.

جاءت فكرة الكأس الفيدرالية لجمع الأندية المنضوية مباشرة تحت لواء الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، والتي تتنافس في دوريات الدرجات الأولى والثانية والثالثة، مع تلك المنتسبة من خلال المجلس الفيدرالي لكرة القدم الأرجنتينية. وكان من بين أهدافها إضفاء الطابع الفيدرالي على كرة القدم النسائية وتحفيز الاحتراف، الذي يهم اليوم الدرجة الأولى فقط، في جميع أنحاء البلاد، وتوسيع قاعدة اللاعبات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و18 سنة، وكذا دعم تطوير المنتخبات الوطنية.

استثمر برنامج FIFA Forward مبلغ 900 ألف دولار أمريكي، لكن لويس كاسترو، مدير التطوير في الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، ينظر إلى أبعد من ذلك: "دعم FIFA لم يقتصر على الجانب الاقتصادي. لقد استفدنا من جميع الآليات التي يضعها FIFA تحت تصرفنا".

وأضاف قائلاً: "أخص بالذكر المساهمات الرياضية والفنية، وعلى مستوى الخبرة وحتى البنية التحتية. كل هذا كان ضرورياً لكي ترى الكأس الفيدرالية النور وتنمو وتتطور، وذلك دائماً في إطار مخططنا الإستراتيجية لتطوير هذا التخصص".

ويشدد مدير الاتحادات الأعضاء في الأمريكتين في FIFA، جاير بيرتوني، على أهمية مساعدة الاتحادات الأعضاء على تنفيذ هذا النوع من المنافسة. وقالت بيرتوني: "كرة القدم للسيدات هي هدف ذو أولوية في استراتيجية ورؤية رئيس FIFA". "من خلال برنامج Forward، ساهمنا في نمو وتطور كرة القدم في بلد شغوف بهذه الرياضة، مما مكن آلاف النساء من اللعب على أعلى مستوى في بيئة احترافية وتنافسية متزايدة. نحن سعداء بنجاح هذه النسخ الثلاث من كأس الاتحاد للسيدات، ونأمل أن تكون هذه مجرد خطوة أولى نحو بطولة مميزة داخل كرة القدم الأرجنتينية."

فاز بوكا جونيورز بنسخة 2023، التي أقيمت مرحلتها النهائية في فبراير/شباط من هذا العام، والتي سجلت رقماً قياسياً: شارك عدد أكبر من الأندية من المجلس الفيدرالي (107) وعدد اللاعبات المسجلات إجمالياً (2645) مقارنة بالنسختين الأوليين (44 و1196 في عام 2021، و84 و2116 في عام 2022 توالياً).

وحضرت إليث أرتافيا، مستشارة لتطوير كرة القدم للسيدات FIFA، مباراتي نصف النهائي والنهائي، الذي فاز فيه بوكا جونيورز على سان لورينزو بنتيجة 2-1، وسلّمت الكأس للبطل. وقالت في هذا الصدد إن "أحد أهداف FIFA هو تعميم ولوج النساء إلى هذه الرياضة، وهو أمر، كما رأيت هنا، يحققه الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم شيئاً فشيئاً بمساعدة هذه المسابقة".

وحتى الآن، سيطرت على الكأس الفيدرالية، التي يمكن مشاهدتها مباشرة على قناة AFA Desarrollo على YouTube فرق حاضرة بوينوس آيريس؛ فبالإضافة إلى بوكا جونيروس، فاز باللقب ناديا أوركيزا (2021) وريفر بليت (2022). وفي المقابل، وصل فريق من المجلس الفيدرالي، بلغرانو دي كوردوبا، إلى نهائيات العام الماضي.

لا شك أن كاسترو على علم بهذا الوضع: "في الاتحاد الأرجنتيني، ننظر دائماً إلى الأرجنتين ككل، وكنا نعلم أن هناك فوارق فنية. ومع ذلك، فقد استوعبنا أن مسار إضفاء الطابع الفيدرالي ينبغي أن يشمل أندية المجلس الفيدرالي، حتى يكون لها بُعد حقيقي لمدى قدرتها على النمو. إذا لم يتنافسوا على هذا المستوى، فلن يكون لدى الأندية واللاعبين هذا البعد. الفجوة تضيق رويداً رويداً".

في هذا السياق، لم تصبح الكأس الفيدرالية للسيدات أداة لتوسيع قاعدة اللاعبات في جميع أنحاء البلاد فحسب، بل أصبحت أيضاً تساعد بشكل كبير على اكتشاف المواهب، وتيسير مسار منتخبات الناشئات.

وهناك حقيقة أخرى تستحق تسليط الضوء عليها: منذ إطلاق الكأس الفيدرالية للسيدات في عام 2021، تأهلت الأرجنتين لكأس العالم للسيدات 2023. ومن بين 23 لاعبة مثلن بلادهن في أستراليا ونيوزيلندا، لعبت 15 لاعبة نسخة واحدة على الأقل في هذه البطولة الوطنية، ليصبحن بذلك مرجعاً للاعبات الصاعدات.

في أفق النسخة القادمة من الكأس الفيدرالية للسيدات، يتضح أن الدخل الناتج عن النسخ الثلاث الأولى يمهد الطريق لبطولة مستدامة. وبالنسبة للويس كاسترو، فإن المنافسات نقطة محورية ضمن الخطة الإستراتيجية لتطوير كرة القدم النسائية، ومن هنا تأتي أهمية استمرارية هذه البطولة.

وخلص إلى القول: "نحن مقتنعون بأن كل مسابقة هي محرك للتنمية. ليس فقط للاعبات، بل أيضاً للمنظومة التي تحيط بالتظاهرة، مثل الجهاز الفني والقيادة. ونحن نعتبر أن كل هذا بمثابة نقل للمعرفة يؤثر بشكل إيجابي على الرياضة، وهي الطريقة الصحيحة لمواصلة النمو".